مقدمة استهلالية:
الحمد لله الذي خفض ورفع، والذي نصب وقطع، والذي فتح وأغلق، والذي كسر وجبر، والذي ضمّ وفكك، والذي سكّن وحرّك، والذي أفرد وركّب ، والذي فصل ووصل، والذي أفرد وثنّى وجمع، والذي أضمر وأظهر، والذي عرّف ونكّر، والذي عطف وبدّل، والذي بيّن وأكّد؛ أنّ الأمر له من قبلُ ومن بعدُ.
الحمد لله الفاعلِ لكل مفعولْ، والعلةِ لكل معلولْ، منه مبدأ كل شيء، وإليه يعود كل شيء.
الحمد لله الذي أنزل أحسن الحديث كلاما مفيدا غير ذي عوج، أخبر فصدق، وأمر فعدل، وأعرب عن نفسه بالكمال، فلا مثيل له، ونعت كماله بالكمال، فلا ندّ له، وقصرت العقول عن حاله سبحانه، فلا كيف له ، وهو الكائن بلا مكان، فلا أين له، وهو القديم بلا زمان، فلا متى له، له الحمد كله مستغرق بلا استثناء.
هو الذي أضاف إلى نفسه فشرّف، وماز الثقلين بالعقل تمييزا ثم كلف، عجب من قدرته القادرون، ومن علمه العالمون، ومن رحمته الراحمون، ومن صبره الصابرون، ومن حلمه الحالمون، بل عجب من وصفه الواصفون، وذهل من فصاحة كتابه الفصحاء والمتفصحون، ومن سبك نظمه الناظمون، فلا هو شعر مشعور، ولا نثر منثور، بل هو الدرّ الباذخ، والرقراق الشامخ، كتاب محكم ناسخ، قوله حجة بالغة، وقوة دامغة، وحكمة سائغة، ورحمة سابغة، فهو الواحد الأحد الفرد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد.