الأئمة الذين صرحوا بعدم القول بالمطلق الكلي التي تكون مصاديقه ذواتا
الجزء الأول: (الإمام أحمد، الخطابي، الإمام البيهقي)
1- أقوال الإمام أحمد رحمه الله (ت،241 هـ):
– نقل الحافظ أبو يعلى في الطبقات عقيدته فقال: (كان الإمام أحمد رحمه الله، يقول : لله تعالى يدان، وهما صفة له، ليستا بجارحتين وليستا بمركبتين، ولا جسم ولا من جنس الأجسام، ولا من جنس المحدود والتركيب والأبعاض والجوارح، ولا يقاس على ذلك، ولا له مرفق ولا عضلة، ولا فيما يقتضي ذلك من إطلاق قولهم يد إلا ما نطق به القرآن الكريم…).
– نقل ابن قدامة المقدسي المذهب العقدي للإمام أحمد فقال في لمعة الاعتقاد: (قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ينزل إلى سماء الدنيا ) ، أو ( إن الله يرى في القيامة ) ، وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ، ونصدق بها بلا كيف ، ولا معنى ، ولا نرد شيئا منها ، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }، ونقول كما قال ، ونصفه بما وصف به نفسه ، لا نتعدى ذلك ، ولا يبلغه وصف الواصفين ، نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ، ولا نتعدى القرآن والحديث ، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتثبيت القرآن).
– نقل عنه قوله العلامة أحمد بن حمدان الحراني (ت،695هـ) في كتابه نهاية المبتدئين في أصول الدين ( ص31): (ولا يعرف بالحواس ولا يقاس بالناس، ولا مدخل في ذاته وصفاته للقياس، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، بل هو الغني عن كل شيء، ولا يستغني عنه شيء، وأنه لا يشبه شيئا، ولا يشبهه شيء، ومن شبهه بخلقه فقد كفر، نص عليه أحمد، وكذا من جسم، أو قال: إنه جسم لا كالأجسام، ذكره القاضي).
– نقل عنه أبو الفضل التميمي رحمه الله (ت،410هـ) في كتابه اعتقاد الإمام أحمد (ص 45): (وأنكر أحمد على من يقول بالجسم وقال: إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجيء في الشريعة ذلك فبطل)، ونقله الحافظ البيهقي أيضا في مناقب الإمام أحمد.
وسيأتي بيان أن عقيدة فضلاء المذهب الحنبلي وأنهم على ما نعتقده من التفويض في المطلق الكلي الذي تكون مصاديقه ذواتا أمثال ابن الجوزي وابن قدامة المقدسي، وابن دقيق العيد، وأبي يعلى القاضي، وغيرهم رحمهم الله رحمة واسعة.
2- أقوال الإمام الخطابي رحمه الله (ت،388هـ):
– في كتابه أعلام الحديث (3/1902): (…وليس معنى اليد في الصفات بمعنى الجارحة؛ حتى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع؛ بل هو توقيف شرعي أطلقنا الاسم فيه؛ على ما جاء به الكتاب من غير تكييف ولا تشبيه..).
– في كتابه أعلام الحديث (4/2347): (…وليس معنى اليد عندنا: الجارحة؛ إنما هو صفة جاء بها التوقيف؛ فنحن نطلقها على ما جاءت).
– في كتابه معالم السنن (4/330): (وضعه إصبعه على أذنه، وعينه؛ عند قراءته {سَمِيعًا بَصِيرًا}؛ معناه: إثبات صفة السمع والبصر لله سبحانه؛ لا إثبات الأذن، والعين؛ لأنهما جارحتان، والله سبحانه موصوف بصفاته؛ منفي عنه ما لا يليق به من صفات الآدميين ونعوتهم؛ ليس بذي جوارح، ولا بذي أجزاء وأبعاض).
– في كتابه الغنية عن الكلام وأهله: (إن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله . فإذا كان معلوما أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف . فإذا قلنا يد وسمع وبصر وما أشبهها فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه ; ولسنا نقول : إن معنى اليد القوة أو النعمة ولا معنى السمع والبصر العلم ; ولا نقول إنها جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل).
3- أقوال الإمام البيهقي رحمه الله (ت،458هـ).
– في كتابه لاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد (ص72): (…، وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة …).
– بوّب في كتابه الأسماء والصفات: (باب ما جاء في إثبات اليدين صفتين لا من حيث الجارحة).
– في كتابه الأسماء والصفات (الحديث رقم 395): (…وليس في الخبر إثبات الجارحة ، تعالى الله عن شبه المخلوقين علوا كبيرا)
– في كتابه الأسماء والصفات (الحديث رقم 694): (…، والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين له صفة لا من حيث الحدقة أولى وبالله التوفيق).
أقول: وله مواضع في كتبه ينقل فيها عن أئمة السلف عدم القول بالجارحة سنذكرها بنسبتها لهم لا له، والله الموفق والهادي.